jeudi 30 octobre 2014

سقوط الأهلية التجارية كعقوبة مهنية تلحق مسيري المقاولات

من بين المستجدات التي تضمنتها مدونة التجارة لسنة 1999 أنها نظمت مسألة سقوط الأهلية التجارية وأفردت لها بابا كاملا في القسم الخامس من كتابها الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة ( المواد من 711 إلى 720 ).

تهدف عقوبة سقوط الأهلية التجارية بصفة عامة إلى حماية الائتمان التجاري وأخلاقيات المهنة وتخليق الحياة السياسية من العبث و التعفن ([1]).
و يترتب عن سقوط الأهلية التجارية منع المحكوم عليه بسقوط الأهلية التجارية من الإدارة، أو التدبير، أو التسيير، أو المراقبة بصفة مباشرة أو غير مباشرة لكل مقاولة تجارية، أو حرفية، ولكل شركة تجارية ذات نشاط اقتصادي ([2])
و تعتبر الأحكام القاضية بسقوط الأهلية التجارية كعقوبة مهنية وليست إجراء عقابيا تجاه مسيري المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة، تكريسا لمبدأ تمييز أو فصل الأشخاص عن المقاولة، ذلك أن تصريح المحكمة بمثل هذه الأحكام، يجب أن يكون معللا بعدم قانونية التصرفات التي تصدر عن هؤلاء المسيرين، بغض النظر عن المصير الذي ستؤول إليه المقاولة ([3])، و قبل أن نتطرق إلى الحالات التي تستوجب تطبيق هذه العقوبة نشير إلى أن جميع هذه الحالات بصيغة الوجوب بدل الجواز، بمعنى أن المشرع المغربي لم يترك للمحكمة المختصة أية سلطة تقديرية في تطبيق هذه العقوبة  متى توفرت شروط هذه المساءلة ([4]).
1- الحالات التي يمكن فيها الحكم بسقوط الأهلية التجارية.
إن المشرع المغربي وهو بصدد بيان الحالات التي تبرر الحكم بسقوط الأهلية التجارية ميز بينها معتمدا معيار الأشخاص الممكن النطق بهذا الحكم في مواجهتهم وهكذا فهناك حالات خاصة بالأشخاص الطبيعيين التجار أو الحرفيين، وأخرى خاصة بمسيري الشخص المعنوي المدين، و أخرى تطبق على جميع الأشخاص الطبيعيين سواء كانوا مسيرين لشركة تجارية أم لا.
أ) الحالات الخاصة بالشخص الطبيعي التاجر أو الحرفي.
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 712 من م.ت نلاحظ أن المشرع المغربي حدد الوقائع والأفعال التي تبرر وضع المحكمة يدها، وفي جميع مراحل المسطرة، من أجل النطق بسقوط الأهلية التجارية فيما يلي :
1)    مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية من شأنه أن يؤدي إلى التوقف عن الدفع.
2)    إغفال مسك محاسبة وفقا للمقتضيات القانونية أو العمل على إخفاء كل وثائق المحاسبة أو البعض منها.
3)    اختلاس أو إخفاء كل الأصول أو جزء منها أو الزيادة في الخصوم بكيفية تدليسية.
ب) الحالات الخاصة بمسيري الشركات التجارية.
تتضمن المادة 713 من م.ت الأفعال التي ينبغي للمحكمة أن تحكم من أجلها بسقوط الأهلية التجارية ضد مسؤولي الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاري، هذه المادة تحمل على مقتضيات المادة 706 من م.ت، و حسب مقتضيات هذه المادة فإن الأفعال التي تبرر للمحكمة النطق بسقوط الأهلية التجارية، هي نفسها التي تبرر الحكم بفتح التسوية أو التصفية القضائية تجاه كل مسؤول أو مسير لشركة تجارية ([5])، يضاف إليها حالة واحدة واردة بالمادة 715 من م.ت و هي التي تنص على أنه : " يجب على المحكمة أن تقضي بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول في الشركة لم يسدد عجز أصولها الذي يتحمله ".
ج) الحالات العامة المطبقة على جميع الأشخاص الطبيعيين سواء كانوا مسؤولين أو مسيرين لشركة تجارية أم لا.
وهذه الحالات وردت بمقتضيات المادة 714 من م.ت، وهي الحالات التي يقضي بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول بمقاولة كيفما شكل هذه المقاولة وهذه الحالات العامة هي على الشكل التالي :
1)    ممارسة نشاط تجاري، أو حرفي، أو مهنة تسيير، أو إدارة شركة تجارية خلافا لمنع نص عليه القانون.
2)    القيام بشراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري، أو استخدام وسائل مجحفة لأجل الحصول على أموال، وذلك بغية اجتناب افتتاح المسطرة أو تأخيرها.
3)    القيام لحساب الغير، ودون مقابل بالتزامات اكتست أهمية كبرى أثناء عقدها باعتبار وضعية المقاولة.
4)    إغفال القيام داخل أجل خمسة عشر يوما بالتصريح بالتوقف عن الدفع، وفي هذا الصدد قضت المحكمة التجارية بمراكش بالتصريح بسقوط الأهلية التجارية استنادا إلى مقتضيات المادة 714 من م.ت، و خاصة الفقرة الرابعة منها، ضد مسير مقاولة لم يقم بالتصريح بالتوقف عن الدفع في إبانه، رغم علمه بالوضعية المالية الحقيقية لهذه الأخيرة ([6]).
5)    القيام عن سوء نية بأداء ديون دائن على حساب الدائنين الآخرين خلال فترة الريبة.
و قد أورد المشرع الحالات أعلاه التي تبرر الحكم بسقوط الأهلية التجارية على سبيل الحصر، بحيث لا تملك المحكمة أية سلطة تقديرية في هذا الشأن سوى التأكد من وجود هذه الأفعال للحكم بسقوط الأهلية التجارية.


2- الآثار المترتبة عن سقوط الأهلية التجارية.
يترتب عن سقوط الأهلية التجارية آثار عديدة منها آثار عامة تشمل الأشخاص الطبيعيين المرتكبين لواحدة أو أكثر من الأفعال أو الوقائع المبينة في الحالات السابقة سواء كانوا مسيرين أو غير مسيرين، وبعضها لا يطبق سوى على الأشخاص الطبيعيين المسؤولين عن تسيير شركة ما إن كانوا من الشركاء، أو المساهمين فيها ([7]).
هكذا فإن الحكم بسقوط الأهلية التجارية يترتب عنه المنع من الإدارة، أو التدبير  أو التسيير، أو المراقبة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، لكل مقاولة تجارية أو حرفية  ولكل شركة تجارية ذات نشاط اقتصادي ([8]).
كما يترتب عن الحكم القاضي بسقوط الأهلية التجارية، الحرمان من ممارسة وظيفة عمومية انتخابية، ويسري مفعول عدم الأهلية بقوة القانون، ابتداء من الإشعار الذي توجهه السلطة المختصة إلى المعني بالأمر ([9]).
و هو ما تم تأكيده من قبل القضاء المغربي حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء ما يلي : " ... إن المدعى عليهم أعضاء في البرلمان وأن من شأن الحكم بسقوط أهليتهم وضع حد لنشاطهم السياسي الانتخابي " ([10]).   
بالإضافة إلى الآثار العامة التي سبقت الإشارة إليها، فإن الحكم القاضي بسقوط الأهلية التجارية، يرتب آثارا خاصة لا تطبق سوى على مسيري الشركات شريطة أن يكونوا شركاء أو مساهمين فيها و تتجلى فيما يلي :
-         حرمان المسيرين المحكوم عليهم بسقوط أهليتهم التجارية من الحق في التصويت داخل جمعيات الشركات التجارية الخاضعة لمسطرة المعالجة، حيث فوض المشرع صلاحية ممارسة الحق في التصويت إلى وكيل تعينه المحكمة لهذا الغرض، بناء على طلب من السنديك ([11]).
-         بالإضافة إلى الحرمان من الحق في التصويت فإنه يمكن للمحكمة كذلك أن تلزم هؤلاء المسيرين أو بعضا منهم، بتفويت أسهمهم أو حصصهم داخل الشركة، أو أن تأمر بتفويتها جبرا بواسطة وكيل قضائي بعد القيام بخبرة عند الاقتضاء ويخصص مبلغ البيع لأداء قيمة الحصة الناقصة من الأصول التي على عاتق المسيرين ([12]).
و يعد الحكم بسقوط الأهلية التجارية إجراء من الإجراءات المؤقتة، والتي تقبل الزوال إذا ما توفرت أسبابه ([13]).  


[1] - أحمد شكري السباعي، م. س، ج III، ص : 409.
[2] - المادة 711 من م.ت.
[3] - عبد الكريم عباد، " دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة "، م.س ، ص : 448.
[4] - جاءت المواد من 712 إلى 716 بصيغة مشتركة : " يجب على المحكمة أن تضع يدها ... "
[5] - أنظر ما سبقت الإشارة إليه بخصوص الأفعال المبررة لفتح المسطرة تجاه مسؤول أو مسير شركة كعقوبة مالية.
[6] - المحكمة التجارية لمراكش، حكم رقم 17 – 02 بتاريخ 20 مارس 2002، ملف رقم 10 / 2000، أوردته نادية المجاهد      م. س، ص : 75.
و في نفس الإطار، جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 8 أكتوبر 1996 على أنه لكي يتم تقييم إهمال التصريح بحالة التوقف عن الدفع داخل الآجال القانونية، فليس هناك محل لاعتبار الأسباب أو الدوافع التي دفعت المسير إلى ذلك للتملص من هذا الالتزام.
- V :Cass.com. 8oct. 1996. D. Aff – N° 39. 7nov. 1996, page : 1264.
و قضت نفس المحكمة بنفس التاريخ أن غياب التصريح بالتوقف عن الدفع يعتبر خطأ في التسيير بغض النظر عن إجراءات التسوية والاتفاقات المرتقبة لاحقا مع الدائنين.
- V :Cass.com. 8oct. 1996. D. Aff – N° 42. 25 nov. 1996, page : 1356.
أورده عبد الكريم عباد، " دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة "، م. س، ص : 450.

[7] -  يوسف ملحاوي،  "وضعية مسيري المقاولة على إثر فتح مسطرة التسوية القضائية "، مجلة القصر، ع 20، ماي 2008   ص : 110.
[8] - المادة 711 من م.ت.
[9] - المادة 718 من م.ت.
[10] - حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 7 / 6 / 99 في ملف عدد 2283 / 99، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 92، ص : 192 و ما يليها.
[11] - الفقرة الأولى من المادة 717 من م.ت.
[12] - الفقرة الثانية من المادة 717 من م.ت.
[13] - عبد الكريم عباد، "دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة "، م. س، ص : 452.

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP