jeudi 30 octobre 2014

العقوبات المالية التي تلحق مسيري المقاولات

إن العقوبات المالية التي يتم اتخاذها بمناسبة فتح مسطرة المعالجة، أو مسطرة التصفية القضائية في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الدفع،
لا تطبق سوى على مسيري الشركات التجارية أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي، التي يكون لها غرض تجاري ([1]) الذين ثبت في حقهم أحد الأفعال المنصوص عليها في المادتين 704 و 706 من مدونة التجارة، سواء كانوا قانونيين أو فعليين([2])، يتقاضون أجرا عن مهام التسيير أم لا.
أما المدين الشخص الطبيعي، فلا يكون معنيا بهذا النوع من العقوبات، لأن ديونه تستوفى من مجموع الأموال المكونة لذمته المالية ([3]).
و تتخذ العقوبات المالية، التي يمكن النطق بها ضد مسيري الشخص المعنوي المدين الخاضع لمسطرة المعالجة أو التصفية القضائية في :
1-                تحميل الخصوم للمسير كليا أو جزئيا.
تنص المادة 704 من م.ت على ما يلي : " حينما يظهر من خلال سير المسطرة في مواجهة شركة تجارية نقص في باب الأصول، يمكن للمحكمة في حالة حصول خطأ في التسيير ساهم في هذا النقص، أن تقرر تحميله كليا أو جزئيا تضامنيا أم لا لكل المسيرين أو البعض منهم ... ".
انطلاقا من مقتضيات هذه المادة، يتبين أن المشرع المغربي لا يفرض تحميل خصوم الشركة لمسيري الشركات التجارية أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاري ([4]) إلا إذا تحققت بعض الشروط :
-         يجب أن يتعلق الأمر بفتح مسطرة المعالجة ( تسوية قضائية أو تصفية قضائية ) في مواجهة شركة تجارية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي يكون لها غرض تجاري.
-         أن يظهر من خلال سير المسطرة أن هناك نقصا في باب أصول الشركة التجارية أو المجموعة ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري.
-         أن يثبت وجود خطأ في التسيير قبل فتح المسطرة، وأن هذا الخطأ هو الذي ساهم بشكل أو بآخر في حدوث النقص في باب الأصول، حيث تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة فيما يخص العلاقة السببية بين الخطأ في التسيير وبين النقص في باب الأصول.
يستفاد أيضا من خلال المادة السالفة الذكر، أن المشرع المغربي أجاز للمحكمة التجارية تحميل النقص في الأصول إما بصفة كلية أو جزئية و بطريقة تضامنية أم لا وذلك لكل المسيرين أو للبعض منهم، فللمحكمة في هذا الشأن سلطة تقديرية في تحصيل النقص في الأصول كليا للمسير إذا كان النقص ناجما أساسا ومباشرة عن أخطائه في التسيير، أو جزئيا إذا تدخلت عوامل خارجية إلى جانب الخطأ في التسيير ([5]).
كما يجوز للمحكمة أن تحمل النقص الحاصل في الأصول لكل المسيرين أو للبعض منهم تضامنيا أم لا، فإن تم الحكم بتحميل النقص تضامنيا بين المسيرين، لا تكون المحكمة ملزمة بتحديد المبلغ الذي يجب أن يؤديه كل واحد منهم، غير أنه على خلاف ذلك قد يفرض على المحكمة في بعض الحالات أن تحدد الأقساط كل على حدة ([6]).
يبقى التساؤل الذي يطرح بإلحاح في هذا المجال هو :
ما مصير المبالغ التي يدفعها المسيرون عند تحميلهم النقص في أصول الشركة ؟
من خلال مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 704 من م.ت التي تقابلها المادة 180 من قانون 25 يناير 1985 الفرنسي، يتبين أن هذه المبالغ تدخل في الذمة المالية للمقاولة، حيث تخصص هذه المبالغ حسب ما يتطلبه تنفيذ الحل المختار للمقاولة، وبالتالي فهي إما توظف وفق الكيفيات المنصوص عليها في مخطط الاستمرارية، إذا كان الحل المختار للمقاولة هو استمرارها في نشاطها، وإما توزع بالتناسب فيما بين الدائنين إذا كان الحل المختار هو تفويت المقاولة أو تصفيتها قضائيا.
2- تمديد المسطرة المفتوحة ضد المدين الشخص المعنوي إلى مسيريه ([7]).
يفترض القانون في كل مسير حسن النية في تسير المقاولة، ودفعها كوحدة إنتاجية واقتصادية إلى إنماء نشاطها وتوسيع حجم استثمارها بشكل يضمن بقائها كطرف فاعل في السوق، و كوحدة منتجة لفرص العمل.
إلا أن الواقع المعيش بَيَّن أن أفدح الأضرار التي تلحق الشركة تجد سببها في مسيريها الذين قد يجعلون منها مطية للاستغلال، والاحتيال من أجل الإثراء غير المشروع لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الشركة التي قد تصل إلى درجة التوقف عن الدفع بسبب تصرفاتهم الأنانية ([8]) الأمر الذي حدا بالمشرع المغربي ولأول مرة أن يقرر بشأن هؤلاء المسيرين الذين تسببوا بتصرفاتهم الخطيرة في توقف الشركة عن سداد ديونه، وبالتالي خضوعها لمسطرة المعالجة، تمديد المسطرة المفتوحة في مواجهة الشركة إليهم، كلما تبين قيام أحد المسؤولين، أو المسيرين بإحدى الوقائع المنصوص عليها في المادة 706 من م.ت، إذ يجب على المحكمة في حالة ثبوت إحدى هذه الوقائع أن تقرر تمديد مسطرة المعالجة، أو التصفية القضائية ([9])، في مواجهته دون استعمال سلطتها التقديرية في هذا الإطار، بحيث أن المشرع المغربي استعمل صيغة الوجوب ([10]).
و بالرجوع إلى مقتضيات المادة 706 من م.ت يتبين أن الوقائع التي بموجبها تفتح المحكمة المسطرة ضد كل مسؤول أو مسير محصورة فيما يلي :
1)    التصرف في أموال المقاولة كما لو كانت أمواله الخاصة ([11]).
2)    إبرام عقود تجارية لأجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته.
3)    استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها لأغراض شخصية أو لتفضيل مقاولة أخرى له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة.
4)    مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحة خاصة من شأنه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع.
5)    مسك محاسبة وهمية أو العمل على إخفاء وثائق محاسبية أو الامتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد القانونية ([12]) وعليه فكل رئيس مقاولة أخفى وثائق محاسبة وامتنع عن موافاة السنديك بها يترجم كدليل على وجود تلاعبات وإخلالات في الوثائق و إخلال بأحد الالتزامات الملقاة على المسير وهي المحافظة على الوثائق المحاسبية للشركة لمدة يحددها القانون في عشر سنوات ([13]).
6)    اختلاس أو إخفاء كل الأصول أو جزء منها، أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسية.
7)    المسك بكيفية واضحة لمحاسبة غير كاملة أو غير صحيحة ([14]).
و يلاحظ أن الحالات السبعة المحددة في المادة 706 من م.ت تقسم إلى بابين رئيسيين، الأول مرتبط بالإخلال بالثقة التي تفترض في المسير بإسناده مهام إدارة أموال الشركة ( الحالات الأربع الأولى )، أما الباب الثاني فإنه يتعلق بعدم احترام المسير لقواعد الشفافية والإعلام ( الحالات الثلاث الأخيرة ) ([15]).
و لشديد الخناق على المسيرين الذين تم تحميلهم كل أو بعض خصوم المقاولة أوجب المشرع على المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة المتعلقة بهذه المقاولة أن تحكم تلقائيا أو بطلب من السنديك بفتح المسطرة شخصيا تجاه كل مسير تم تحميله كل أو بعض خصوم الشركة التجارية أو المجموعة ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري، الذي لم يقم بإبراء ذمته من الدين المتمثل في هذه الخصوم


[1] - رزان سباطة، " نظام العقوبات في قانون صعوبات المقاولة "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي – الرباط، س : 2003 – 2004، ص : 15.
[2] - ويقصد ب  :
المسير القانوني : المسير الشرعي الذي يتم تعيينه طبقا للقواعد المحددة في قانون الشركات، ويختلف تعيين المسير القانوني من شركة إلى أخرى اعتمادا على شكلها، سواء كان مسيرا شخصا طبيعيا أو معنويا.
المسير الفعلي : هو المسير الذي عين بصفة غير قانونية ( أي مخالفة للقوانين الجاري بها العمل أو للنظام الأساسي للشركة )، أو الشخص الذي له تأثير دائم على اتخاذ القرارات، أو على المسير العادي لإدارة الشركة، وكل شخص يمارس بصورة مباشرة، أو عن طريق شخص مسخر نشاطا إيجابيا ومستقلا داخل الشركة تحت غطاء أو نيابة عن الممثلين الشرعيين، أو كان يحرك أو يتلاعب بهؤلاء، و الأمر يفترض نشاطا إيجابيا، أو معتادا في التسيير بكل استقلال و حرية.
- عبد اللطيف العباسي، "مسؤولية مسير الشركة موضوع مسطرة جماعية "، مجلة المحاكم المغربية، ع : 100، يناير – فبراير 2006، ص : 73. 
[3] - عبد الكريم عباد، " دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة "، م س، ص : 441.
[4] - تنص المادة 29 من قانون 97 – 13 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 5 فبراير 1999 على ما يلي : " تطبق أحكام المواد من 702 إلى 710 من القانون رقم 95 – 17 المتعلق بمدونة التجارة على مسيري المجموعات ذات النفع الاقتصادي إذا كان لها طابع تجاري وكانت محل مسطرة تسوية أو تصفية قضائية "
[5] - نادية المجاهد، " خصوصية المسؤولية المدنية لمسيري المقاولات التجارية في إطار صعوبات المقاولة "، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة                    س : 2009 – 2010، ص : 55.
[6] - رزان سباطة، م. س، ص : 26.
[7] - للتوسع أكثر حول هذه النقطة يراجع :
- نور الدين أتركين، " تمديد المسطرة للمسير في نظام صعوبات المقاولة – شركات المساهمة نموذجا – "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، س : 2009 – 2010.
- فدوى سمير، " تمديد المسطرة في نظام صعوبات المقاولة "،  رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – مراكش س : 2010 – 2011.
- فؤاد محيي، " تمديد المسطرة في نظام صعوبات المقاولة "، الندوة الجهوية الثامنة – قاعة عمالة الفحص أنجرة – طنجة –21- 22 يونيو 2007.
- العربي فارس، "تمديد مسطرة التسوية أو التصفية القضائية إلى المسيرين "، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتدبير         ع : 53، 2008.
[8] - فدوى سمير، م. س، ص: 10.
[9] - أنظر في هذا الصدد قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 5089 / 2011 بتاريخ 06 – 12 – 2011، غ.م، و الذي جاء فيه ما يلي : " و حيث جاء في أسباب اسئناف الطاعنة أنه تم تمديد التصفية القضائية إلى المسير السيد ... وأن التمديد معناه أن ما حدث بالنسبة للشركة قد امتد مفعوله إلى شخص المسير و بالتالي فإن كل ما تم في حق الشركة من إجراء ناتج عن التصفية القضائية أصبح يعني المسير ... "
[10] - تنص المادة 706 من م.ت التجارة على ما يلي : " في حالة التسوية أو التصفية القضائية لشركة ما يجب على المحكمة أن تفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية تجاه كل مسؤول ... "
[11] - أنظر في هذا السياق قرار لمحكمة الاستئناف التجاري بالدار البيضاء رقم 4845 / 2011 صادر بتاريخ 22 / 11/ 2011 ملف رقم 126/20/2010، غ.م.

[12] - أنظر في هذا الإطار قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3679 / 2011 بتاريخ 20 – 9 – 2011 رقم الملف 117 / 25 / 2010 غ م.
[13] - عبد العالي العضراوي، "المسؤولية المدنية والمهنية والجنائية لمسيري ومتصرفي المقاولات في حالة و تعرضها للصعوبات " مطبعة فضالة، ط : 1، 2005، ص : 27.
[14] - أنظر في هذا الصدد حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش رقم 34 /2001 بتاريخ 27 / 06 / 01 ملف رقم 13 /99 منشور بمجلة المحامي، ع : 41 ماي 2002، ص : 247.
[15] - نور الدين المونسي، " أحكام المسؤولية في الشركات التجارية ونظام معالجة صعوبات المقاولة "، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، س : 2010 – 2011      ص : 59. 

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP