jeudi 30 octobre 2014

دور رئيس المقاولة عند الحكم بالتصفية القضائية

إذا استنفذت المقاولة جميع سبل المعالجة، بأن أصبحت وضعيتها المالية والاقتصادية مختلة بشكل لا يقبل التصحيح، فإن ذلك يقتضي حتما إنهاء وجودها وإقبارها من الحياة الاقتصادية، عبر نظام التصفية القضائية، و يمكن أن تلجأ إليه المحكمة من تلقاء نفسها بحيث يسوغ لها أن تقضي ابتداء أو فورا بالتصفية القضائية،
دون المرور من نظام التصحيح القضائي، إذا كانت المقاولة في وضعية عجز بين ([1]) ويؤدي الحكم القاضي بالتصفية القضائية إلى تخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها، وحتى تلك التي امتلكها بأي وجه من الوجوه، ما دامت التصفية لم تقفل بعد، ويقوم السنديك بممارسة حقوق المدين ([2])، و إقامة دعاوى بشأن ذمته المالية طيلة فترة التصفية  القضائية ([3])، وهو الأمر الذي يستوجب التطرق لتعريف غل اليد والاستثناءات الواردة على هذه القاعدة. 

أولا : تعريف قاعدة غل اليد.
يقصد بغل اليد، رفع يد المدين ( أو تخلي المدين ) المحكوم على مقاولته بالتصفية القضائية بقوة القانون عن إدارة أمواله، أو تسييرها، أو التصرف فيها، والتقاضي بشأنها ابتداء من تاريخ صدور الحكم، حيث يحل السنديك محل المقاول المدين في هذه الإدارة والتصرف والتقاضي، قصد إجراء التصفية بإنجازه الجرد، وتوزيع الثمن، وباقي العائدات بين الدائنين، ويعتبر كل عمل من أعمال التصرف، والإدارة، والتقاضي يتم خلافا لقاعدة غل اليد من طرف المدين باطلا بطلانا مطلقا ([4]).
مبدئيا فإن غل اليد يكون شاملا لكل ذمة رئيس المقاولة بالشكل الذي يمنعه من إتمام جميع تصرفات الإدارة، وهذه الشمولية تمكن من تحقيق فعالية غل اليد، هذا الأخير الذي يشكل ضمانة للدائنين على جميع ممتلكات المدين، وهذا الإجراء يلحق الأموال الخاصة، أي التي تضلل الذمة المالية للمدين عن النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية، وذلك دون تمييز الأموال المخصصة للاستغلال والأموال الخاصة بما فيها الأموال المشتركة، وهو ما يمكن أن يخلق بعض الصعوبات، كما يشمل غل اليد أموال المقاول المدين المستقبلية، أي تلك التي اكتسبها هذا الأخير عن طريق هبة أو إرث أو بأية وسيلة أخرى ([5]).
و يمكن فهم هذا الوضع بالنظر إلى أن إنقاذ المقاولة خلال هذه المرحلة غير وارد وليس هناك مبرر لبقاء المدين على رأس تجارته، بل على العكس من ذلك، فحضوره يشكل عائقا لعملية التصفية، فكلما تمت إزاحته كلما كان ذلك لصالح المقاولة وذمتها ([6]).
يعد غل يد المدين من أهم المؤسسات القانونية التي سنها المشرع لحماية الضمان العام الذي وضع إطاره الفصلان 1241 و 1242 من ظهير الالتزامات والعقـود  المغربي ([7])، ويختلف غل اليد في مسطرة التصفية القضائية عنه في مرحلة إعداد الحل التي تتلو الحكم بالتسوية القضائية، فغل اليد في مسطرة التصفية القضائية يتميز بالشمولية بمعنى أن السنديك يحل بقوة القانون محل المقاول المدين في الإدارة والتصرف والتقاضي إلى أن يتم قفل المسطرة، أو عمليات التصفية، أما في مرحلة إعداد الحل فليس لغل اليد إلا طابعا استثنائيا، إذ يمكن للمحكمة أن تبقي المدين على رأس المقاولة أو تقلص من سلطاته في التسيير ([8]).
والسبب في هذا الاختلاف بشأن غل اليد أن المقاولة في حالة التصفية يوضع لها حد، وبالتالي لا يوجد أي مبرر يسمح بإبقاء المدين على رأسها، والأكثر من ذلك أن حضوره قد يعرقل تدابير التصفية القضائية، و لذلك فالأفضل استبعاده، و إحلال السنديك محله ([9]).
ويسري غل اليد فورا، أي ابتداء من تاريخ صدور الحكم بالتصفية القضائية المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ([10])، ويطرح التساؤل في هذا الإطار حول ما العمل إذا أجرى المدين المحكوم عليه بالتصفية تصرفا في نفس يوم الحكم لكن قبل الإعلان عن هذا الحكم ؟
إن مدونة التجارة لم تتعرض صراحة لهذا التساؤل غير أن الرأي المرجح فقها يرى أن غل اليد ينتج أثره ابتداء من الساعة الأولى من اليوم الذي صدر فيه الحكم، لأن الأحكام عند البعض لا تذكر مبدئيا الساعة التي صدرت فيها ([11]).
ثانيا : الاستثناءات الواردة على قاعدة غل اليد.
إن قاعدة غل يد المدين ليست مطلقة بل ترد عليها عدة استثناءات، من هذه الاستثناءات ما تم التنصيص عليه صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 619 من م.ت التي جاء فيها : " غير أنه يمكن للمدين أن يمارس دعاويه الشخصية وأن ينتصب طرفا مدنيا بهدف إثبات إدانة مقترف جناية أو جنحة قد يكون ضحية أحدهما، غير أنه إذا منح تعويضات، فإنها تستخلص لفائدة المسطرة المفتوحة ".
يمكن استنتاج هذه الاستثناءات كذلك من خلال إعمال مفهوم المخالفة للفقرة ما قبل الأخيرة من نفس المادة، التي جاء في جملتها الأخيرة ما يلي : " يقوم السنديك بممارسة حقوق المدين وإقامة دعاوى بشأن ذمته المالية طيلة فترة التصفية القضائية "، ومعنى ذلك أن الحقوق و الدعاوى التي تخرج عن ذمة المدين تظل بيده.
و يكون الأمر كذلك بالنسبة للحقوق الشخصية والعائلية والحقوق المتعلقة بالحالة فالمدين يمكنه مثلا، اتخاذ قرار الطلاق لوحده، أو تغيير النظام المالي الذي يخضع له هو وزوجته ، أو الاعتراف بنسب، أو الترافع كمدعى عليه في دعوى إهمال الأسرة، وإدارة أموال أطفاله أو أموال الغير ([12]).
و بالتالي يتبين أنه متى تعلق الأمر بالحقوق الشخصية والعائلية، فإنه يحق للمدين ممارسة مختلف هذه الدعاوى بدون أية قيود تحد من ممارسته لهذه الدعاوى.
كما أنه يمكن للمدين أن ينصب طرفا مدنيا في دعوى جنائية، غير أن التعويضات المحكوم بها لفائدته تستخلص لفائدة المسطرة طبقا لما جاء في الفقرة الرابعة من المادة 619 من م.ت أعلاه، أما فيما يتعلق بالتعويضات المحكوم بها ضد المدين لفائدة الغير فيجب التمييز بشأنها، بين ما إذا كانت مترتبة عن أفعال إجرامية سابقة لحكم التصفية القضائية، أو لاحقة له، فإذا كانت مترتبة عن أفعال ارتكبها المدين قبل الحكم بالتصفية القضائية، فإنها تنفذ على أموال المسطرة، أما إذا كانت مترتبة عن أفعال لاحقة لحكم التصفية فلا تنفذ على أموال المسطرة.

كما أن غل يد المدين لا يسري على الأموال غير القابلة للحجز ([13]) يتعلق الأمر يتعلق الأمر بالأموال و الأشياء المذكورة في الفصل 458 من ق.م.م ([14]).
وعلى الرغم من غل اليد يمكن للمدين إجراء التدابير التحفظية والتدابير الوقتية لأن هذه الأخيرة لا تضر بالدائنين بل على العكس من ذلك تساهم في الحفاظ على أموال المسطرة التي تشكل ضمانا عاما للدائنين ([15]).
عموما يمكن القول أن مبدأ غل يد المدين الخاضع للتصفية القضائية فيه من المزايا ما يضمن حقوق الدائنين من العبث و الضياع و كذا يخلق نوعا من العدالة، و يكرس مبدأ الثقة و الائتمان في المعاملات التجارية.
لذلك فهو يعد من أهم الآثار التي تلحق بالمقاول على أنه لا يجب أن ننظر إلى غل اليد على أنه جزاء، بل فقط تدبير احترازي مؤقت.


[1] -عبد الواحد صفوري، م.س، ص : 159.
[2] - لقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي : " لا صفة لرئيس المقاولة في تقديم طلب مواصلة نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائي ".
- قرار رقم 3474/07، بتاريخ 22– 06–2007، ملف رقم 2351/07/ 11 منشور بمجلة المحاكم التجارية، ع : 3 و 4، فبراير 2009، ص : من 251 إلى 253.
[3] - المادة 619/ ف2 من م.ت.

[4] - أحمد شكري السباعي، " الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها " ج III، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – ط :  2، 2009، ص : 47.
[5] - الطيب بن لمقدم، " التصفية القضائية "، مجلة البحوث، ع : 10،  س : 2011، ص : 189.
[6] - مليكة مهرار، " فلسفة نظام التصفية القضائية في ظل القانون التجاري القديم والجديد "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الأول -، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – عين الشق – الدار البيضاء، س : 1998 – 1999، ص : 56.
[7] - جاء في الفصل 1241 منم ظ.ل.ع.م : " أموال المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة كل دين واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية ".
و جاء في الفصل 1242 : " الأسباب القانونية للأولوية هي الامتيازات والرهون وحق الحبس ".
[8] - راجع ما سبق، ص : من 108 إلى 110.
[9] - عبد الرزاق الزيتوني، م.س، ص : 211.
[10] - المادة 728 من م.ت.
[11] - أحمد شكري السباعي، مرجع سابق، ج III، ص : 86.
أنظر كذلك :
- محمد أمركي، " التصفية القضائية وآثارها "، مجلة المرافعة، ع 14 – 15، دجنبر 2004، ص : 112.
[12] - عبد الرزاق الزيتوني، م.س، ص : 213.
[13] - للتوسع أكثر في هذه النقطة يراجع :
- Yves Guyon, " droit des affaires – T : 2, entreprises en, difficultés, redressement judiciaire, faillite, Economica, 7éme édt, 1997, p : 343 – 344.
[14] - ينص الفصل 458 من ق.م.م على ما يلي : " لا تقبل الحجز الأشياء التالية :
-          فراش النوم و الملابس و أواني المطبخ اللازمة للمحجوز عليه وعائلته.
-          الخيمة التي تأويهم.
-          الكتب و الأدوات اللازمة لمهنة المحجوز عليه ... "
[15] - الطيب بلمقدم، م. س، ص : 190.

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP