mercredi 29 octobre 2014

دور رئيس المقاولة خلال مسطرة الوقاية الخارجية

تنص المادة 547 من مدونة التجارة على أنه : " في حالة عدم تداول الجمعية العامة في الموضوع أو إذا لوحظ أن الاستمرارية مازالت مختلة رغم القرار المتخذ من طرف الجمعية العامة، أخبر رئيس المحكمة بذلك من طرف المراقب أو رئيس المقاولة".

انطلاقا من هذه المادة، يبرز الدور الذي يضطلع به رئيس المقاولة، والمتمثل في إخبار رئيس المحكمة بفشل إجراءات الوقاية الداخلية ( أولا )، فشلا يؤدي حتما إلى الانتقال تلقائيا إلى مسطرة الوقاية الخارجية، إذا تبين لرئيس المحكمة التجارية أن المقاولة تواجه مشاكل معينة من شأنها أن تعترض مواصلة النشاط التجاري من دون أن تكون متوقفة عن الدفع، خلال هذه المرحلة يلعب رئيس المقاولة دورا مهما إلى جانب رئيس المحكمة بهدف الحفاظ على بقاء المقاولة في حالة استمرار، مؤدية دورها الاقتصادي والاجتماعي ( ثانيا ).
أولا : دور رئيس المقاولة في إعلام رئيس المحكمة التجارية بفشل الوقاية الداخلية.
يعتبر رئيس المقاولة مصدرا من مصادر المعلومات المتعلقة بها، وذلك بحكم إطلاعه على أسرارها، والكيفية التي تسير بها، ومختلف المتعاملين معها، والأسباب الحقيقية للصعوبات التي تعاني منها، وكل هذه المعلومات من شأنها أن تنير الطريق أمام تدخل رئيس المحكمة في سعيه إلى إيجاد حل ملائم  مبني على المعرفة بحال      المقاولة ([1]).
ومعلوم أنه لا يمكن تصور مقاولة تعيش بدون مسير كيفما كان شكلها وحجمها بمعنى أن وجوده دائم في جميع الحالات، بخلاف مراقب الحسابات الذي لا يكون وجوده إجباريا إلا في شركات المساهمة، أو بشروط في بعض المقاولات الأخرى، وما عدا ذلك فإن تعيينه يبقى رهينا بإرادة الشركاء، ثم إنه من المفروض في مرحلة الوقاية الخارجية أن تكون لدى رئيس المقاولة رغبة كبيرة في الإدلاء بمعلومات صحيحة، لتنجح عملية الوقاية، ويتم تجنيب مقاولته مساطر المعالجة الجماعية والقضائية ([2]).
فوعي رئيس المقاولة بأهمية الوقاية الخارجية، من شأنه أن يجعله حريصا على وقاية مقاولته وقاية خارجية، إن فشل في وقايتها داخليا، وحريصا أيضا على عدم ترك هذه المرحلة تمر دون أن يستفيد منها. كما أنه من شأن هذا الوعي من جهة أخرى أن يخلق لدى رئيس المقاولة شعورا بضرورة مراقبة نشاط مقاولته مراقبة دقيقة، حيث إذا بدا له أن هناك خللا يتهدد مقاولته سارع إلى وقايتها ([3]).
انطلاقا من هذا كله يبرز الدور الذي يضطلع به رئيس المقاولة في تسهيل مهمة رئيس المحكمة، لذلك خصه المشرع بمقتضيات هامة، حيث نجده في المادة 547 من م.ت أعلاه من بين الأطراف – إلى جانب " مراقب الحسابات " – التي كلفها المشرع بإخبار رئيس المحكمة بفشل إجراءات الوقاية الداخلية، وبالتالي الانتقال إلى مسطرة الوقاية الخارجية بإشراف من رئيس المحكمة، الذي يجد في رئيس المقاولة مصدرا للاستيضاح حول وضعية المقاولة.
في الواقع يمكن التصريح أن الميدان العملي أثبت فشل مبادرة رئيس المقاولة المدين في طلب الوقاية، وتمكين المحكمة من المعلومات الضرورية حول المقاولة  ولعل السبب الجوهري في هذا الفشل يرتبط بعنصر الزمن، فكثيرة هي القضايا المعروضة على المحاكم التجارية التي تثبت حقيقة واحدة، وهي أن الصعوبات تجاوزت مرحلة المساس باستمرارية الاستغلال التجاري، لتصل إلى مرحلة التوقف عن الدفع وتفوت فرصة الاستفادة من الوقاية الخارجية تحت إشراف رئيس المحكمة التجارية، بل إن هذا التأخر لا يقف عند حدود تفويت تطبيق مقتضيات الوقاية، بل قد يؤدي إلى تعثر مساطر المعالجة، والانتقال إلى مسطرة التصفية القضائية ([4]).
يجب الاعتراف أن تهاون رئيس المقاولة في وضع الطلب داخل الفترة الزمنية المعقولة يشكل أحد الأسباب في ندرة تفعيل مساطر الوقاية، في هذا السياق، يحق لنا التساؤل حول الأسباب الحقيقية التي تجعل رئيس المقاولة ينحاز إلى هذا الموقف إزاء مؤسسة الوقاية التي تضمن له ميزة تجنب مساطر المعالجة.
يبدو أن هناك اعتبارات موضوعية وذاتية لا تشجع رئيس المقاولة المدين على القيام بهذه المبادرة.
هناك من الفقه ([5]) من يرى بأنه من بين الأسباب التي تُقعد رئيس المقاولة أحيانا عن المبادرة إلى تقديم مثل ذلك الطلب ما يلي :
-       عزوف كثير من المقاولات عن ولوج أبواب المحاكم. – ما دام المشرع أعطى الاختصاص بفتح هذه المسطرة للقضاء –، لأن ذلك من شأنه من جهة أن يدخلها في دوامة من الإجراءات القضائية، ومن جهة أخرى أن ترددها على المحكمة قد يمس لا محالة بسمعتها التجارية وهي لم تتوقف بعد عن دفع ديونها.
-       رغبة بعض المقاولات في الصمود إلى أخر رمق، ما دامت لا تعرف خللا في استمرارية استغلالها، حيث سيمكنها ذلك على الأقل من إخفاء حقيقة أمرها والتستر عن وضعيتها حتى لا تفقد مكانتها في السوق.
-       تفضيل بعض المقاولات الالتجاء إلى التسوية القضائية مباشرة، إما لأنها تفضل الانتظار إلى أن تصل الوضعية التي تستدعي ذلك، خاصة حينما تكون لها نية مُبَيَّتة في استعمال هذه التسوية القضائية للتهرب من أداء الديون، أو على الأقل لتأخير هذا الأداء، وإما لأنها تعلم مسبقا أنها آيلة للتصفية، فلا داعي لإضاعة الوقت في إجراء الوقاية حتى المعالجة وإنما يكون الأفضل الانتقال مباشرة إلى إجراءات التصفية القضائية.
وهناك من يدرك من جهة أولى أن رجال الأعمال أكثر من غيرهم على علم أن الجهاز الموكول إليه تدبير هذه المرحلة تنقصه الوسائل والإمكانيات الضرورية  فالمحكمة لا تتوفر على مركز لتشخيص الوضعية الاقتصادية، من أجل اقتراح البدائل والقيام بالمهام المنوطة بها، ولذلك فإن رئيس المقاولة يفضل الاستمرار في وظيفته والبحث عن الحلول خارج إطار الهيئة القضائية، حتى إذا عجز عن إيجاد تسوية لمشاكله يعرض الأمر على المحكمة لكن بعد فوات الأوان ([6]).
ومن جهة ثانية، فإن الظروف التي تشتغل فيها المقاولات، تجعل مسألة الوقاية أمرا صعبا، مما يجعل مصادر المعلومات التي يتوخى رئيس المحكمة التجارية من خلالها الاستيضاح، واستكمال المعلومات لا تستجيب إلى قواعد العمل، حيث يصادف دفاتر تجارية غير منتظمة، وعدة موازنات، وأرقام غير مرفقة بالوثائق الضرورية واللازمة لكل عملية.
من خلال ما سبق نرى أن تفعيل مسطرة الوقاية الخارجية لا ينبغي أن يعول فيه بدرجة كبيرة على رئيس المقاولة، بل ينبغي الاعتماد أكثر على جهات أخرى سواء داخل المقاولة كالشركاء، أو العمال مثلا، أو خارج المقاولة كإدارة الضرائب، أو الأبناك       أو غيرها، وكذا نشر الوعي لدى رؤساء المقاولات بأهمية مسطرة الوقاية الخارجية.
ثانيا  : دور رئيس المقاولة في مساعدة رئيس المحكمة للحفاظ على المقاولة.
كما سبقت الإشارة، فإن رئيس المحكمة يبادر تلقائيا، أو بإشعار من رئيس المقاولة أو مراقب الحسابات، بالقيام بالإجراءات الوقائية للحفاظ على نشاط المقاولة، وأول إجراء يتخذه رئيس المحكمة التجارية هو استدعاء رئيس المقاولة للاستماع إليه.
والملاحظ أن المشرع المغربي لم يحدد المحاور العامة التي سيناقشها رئيس المحكمة مع رئيس المقاولة، على خلاف القانون الفرنسي – في ذات الموضوع – الذي  نص على أن رئيس المحكمة التجارية يستدعي المدين الذي يقدم له الوضعية الاقتصادية     والاجتماعية للمقاولة، وحاجات التمويل وسبل مواجهتها ([7]). لكن رغم إحجام المشرع عن بيان المحاور التي سيناقشها رئيس المحكمة مع رئيس المقاولة، فإن ذلك لا يشكل ثغرة كبيرة، ما دام أن الموضوع العام هو وقاية المقاولة وحمايتها عبر استجماع رصيد المعلومات الصحيحة، لذلك تبقى الجلسة مفتوحة على كل الأسئلة التي يريد رئيس المحكمة طرحها ([8]) ومقارنتها بمعلومات وصلته من جهات أخرى ([9])، وهناك من الفقه من لا يمانع حتى تكون جلسة الاستماع مفيدة أكثر، من أن يكون رئيس المقاولة مرفوقا بمساعديه من مستشارين ومحاسبين وغيرهم ([10]).
وخلال جلسة الاستماع لرئيس المقاولة يجري النقاش حول الصعوبات التي تم اكتشافها، وأثرها السلبي على المقاولة، وبالتالي محاولة البحث عن الطرق الناجحة التي تقود إلى وقاية وإنقاذ المقاولة ([11])، ويقع على عاتق رئيس المقاولة، أن يقوم بتبيان المقترحات والإجراءات التي سيتخذها لتصحيح وضعية المقاولة، ويمكن لرئيس المحكمة بأن يدلي برأيه في الحلول المقترحة، وبالتوجيهات التي يراها ضرورية للإنقاذ، وإذا قدم رئيس المقاولة البيانات اللازمة، وما يزمع القيام به لتصحيح الوضعية، واقتنع رئيس المحكمة بذلك فإنه يحفظ الملف مؤقتا إلى أن يظهر ما يدل على استمرارية الصعوبات أما إذا تبين من محضر الاستماع لرئيس المقاولة، والمعلومات التي قدمها بأن الإخلالات ستبقى مستمرة، ولم يستطع رئيس المقاولة تقديم مقترحات جديدة ومفيدة لتلافيها، فإن رئيس المحكمة يحرر محضرا بذلك ويستمر في جمع المعلومات ([12]).
وقد أعطى المشرع المغربي لرئيس المحكمة من خلال الفقرة الثانية من المادة 548 من مدونة التجارة، إمكانية القيام بالإطلاع على كل المعلومات التي من شأنها أن تعطي صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاول المدين المعني بالمسطرة.
ويستعين رئيس المحكمة التجارية من أجل الوصول إلى ما ذكر، بمراقب الحسابات، أو الإدارات، أو الهيئات العمومية، أو ممثل العمال، أو أي شخص أخر من ذوي الخبرة أو الاختصاص، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا ([13]).
ومن هذه الجهات، يمكن أن نذكر الأبناك التي تتعامل معها المقاولة، وذلك حتى تتم معرفة وضعية حسابات المقاولة، ومالها وما عليها من ديون، وغيرها من الأمور حيث لا يمكن للأبناك أن تمتنع عن إعطاء هذه المعلومات لرئيس المحكمة بدعوى المحافظة على السر المهني ([14]). كما يمكن لرئيس المحكمة التجارية طلب المعلومات من إدارة الضرائب، ومن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
تكمن أهمية هذه الاستشارات الواسعة في أنها تمكن رئيس المحكمة التجارية من التأكد من المعلومات والاقتراحات التي سبق وأن قدمت إليه من طرف رئيس المقاولة بحيث يمكن له توجيه استدعاء ثان لرئيس المقاولة للنظر مجددا في الإجراءات التي تمكن من تصحيح وضعية المقاولة، والبحث عن السبل السليمة والكفيلة بإنقاذها.
وإذا ظهر للسيد رئيس المحكمة التجارية من خلال المعلومات والمقترحات التي توفرت لديه أن الصعوبات قابلة للتذليل، فإنه ينتقل إلى تعيين الوكيل الخاص لمساعدة رئيس المقاولة على تجاوز صعوباتها – دون تدخله في شؤون تسييرها كما سبقت الإشارة –،  فإذا كللت مجهوداته بالنجاح، فإنه سينتج عن ذلك إنقاذ المقاولة، لكن إذا فشلت وبقيت المقاولة متعثرة، فإن رئيس المقاولة يحق له طلب المساعدة من رئيس المحكمة التجارية بتعاون مع دائنيها لتجاوز هذه الصعوبات، وهي المسطرة التي أطلق عليها المشرع التسوية الودية ([15]).


[1] - عبد الرحيم السليماني، " القضاء التجاري بالمغرب ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، دارسة نقدية ومقارنة "، مطبعة طوب بريس، الرباط، 2008، ص : 101.
[2] -عبد اللطيف الشنتوف، " تدخل رئيس المحكمة التجارية في مرحلتي الوقاية الخارجية والتسوية الودية للمقاولة "، بحث لنيل دبلوم المستر في العلوم القانونية، تخصص قانون الأعمال جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –أكدال – الرباط، 2008 – 2009، ص :11.
[3] - عبد اللطيف هداية الله، " دور الوقاية الخارجية من صعوبات المقاولة ومدى تفعيله "، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتدبير، ع : 53، 2008، ص : 64.
[4] - فاتحة مشماشي، م. س، ص : 83.
[5] - عبد اللطيف هداية الله، م. س، ص : 72 و 73.
[6] - فاتحة مشماشي، م. س، ص : 83.
[7] - المادة  6-611- L من م.ت.ف، المعدلة بالقانون رقم 845، لسنة 2005.
[8] - عبد اللطيف الشنتوف، " دور رئيس المحكمة التجارية في وقاية المقاولة من الصعوبات "،م. س، ص : 27.
[9] - ففي سبيل دراسة وضعية المقاولة يمكن لرئيس المحكمة حسب المادة 548 من م.ت التي تنص على أنه : "... على الرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة، أن يطلع على معلومات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمدين وذلك عن طريق مراقب الحسابات أو الإدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال، أو أي شخص أخر"
[10] - أحمد شكري السباعي م. س، ج I، ص : 237.
[11] - رحال حاتم، م. س، ص : 42.
[12] - محمد أشتي، م. س، ص : 109
[13] - رحال حاتم، م. س، ص : 43.
[14] - حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة 548 من م. ت عبارة : " على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة ".
[15] - هذا الخيار المتاح لرئيس المقاولة مشروط بشرط ما إذا لم تكن المقاولة في وضعية التوقف وعدم القدرة على دفع ديونها عند حلول أجالها. 

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP