vendredi 31 octobre 2014

الأجل كقيد على المدين الطالب فتح المسطرة

أورد المشرع رئيس المقاولة ([1]) على رأس قائمة الأشخاص الذين يمكنهم طلب افتتاح مساطر معالجة صعوبات المقاولة، و ألزمه بتقديم هذا الطلب داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما ([2])، تلي توقفه عن الدفع ([3]) إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر المؤسسة الرئيسية أو المقر الاجتماعي.

و المسوِّغ القانوني لهذا الإلزام أن المدين هو خير من يقدر مركزه المالي          و الاقتصادي و الاجتماعي، و هو بالتالي أكثر الأشخاص اطلاعا و معرفة بالصعوبات التي تواجه المقاولة، و حجم و خطورة هذه الصعوبات، و يكون بذلك ملزما باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة تلك الصعوبات ([4])، بما في ذلك الاستفادة من المكنة التي أقرها له المشرع و المتمثلة في طلب مساعدة جهاز القضاء متى استشعر خطورة الصعوبات التي تعرفها مقاولته.
و لعل الحكمة في تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة في خلال خمسة عشر يوما تلي توقفه عن الدفع – دون احتساب هذا اليوم ضمن الأيام المذكورة – هي رغبة المشرع في المحافظة على حقوق الدائنين بوجه السرعة، و وعيا منه كذلك بما يمكن أن يشكله تخلف المدين عن تقديم طلب فتح المسطرة في الوقت المناسب من هدر للائتمان  و خيانة لثقة الدائنين وتقويض للنشاط التجاري ([5]).
لكن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو : هل طابع الإلزامية المنصوص عليه في المادة 561 من م.ت يعتبر ضروريا و ملزما لشخص المدين حتى   و لو تغيرت وضعيته بسبب الوفاة أو اعتزال التجارة، المنصوص عليهما في المادتين 564 و 565 من م.ت ؟  أم أن صيغة الوجوب تتغير إلى مجرد إمكانية في حالة توفر السببين المشار إليهما أعلاه ؟
بالرجوع إلى المادة 564 من م.ت ([6]) نجد أن هناك غموضا تشريعيا يكتنفها  حيث أن المشرع المغربي لم يبين الجهة الملزمة بتقديم الطلب في حالة وفاة رئيس المقاولة المدين، عكس المشرعين الفرنسي ([7]) و المصري ([8]) اللذين أقرا إمكانية         التصريح بالتوقف عن الدفع من طرف الورثة داخل أجل سنة، إذا كان سابقا عن واقعة الوفاة ([9]).
و هكذا فإن المشرع المغربي، بالرغم من عدم ذكره في نص المادة 564 من م.ت للورثة الذين يحلون محل المدين المتوفى، و عدم تحديد التصريح بالنسبة لهم في أجل سنة، فإن روح النص تقتضي رفع طابع الإلزامية المنصوص عليه في المادة 561 من م.ت، و اعتماد إمكانية عدم احترام أجل الخمسة عشر يوما، على الرغم من الطابع الإلزامي للمادة المذكورة، أُسوة بما سبق أن كرسه التشريع الفرنسي الذي يعتبر مصدرا تاريخيا للتشريع المغربي ([10]).
بالإضافة إلى الغموض التشريعي المشار إليه، نسجل عدم تناسق المقتضيات الواردة في نفس المجال، و يتجلى عدم التناسق بين المقتضيات القانونية في تعارض مبدأ إلزامية التصريح بالتوقف عن الدفع خلال أجل خمسة عشر يوما مع نص المادة 680 من م.ت التي تمنح للقضاء إمكانية تعيين تاريخ آخر للتوقف عن الدفع لا يتجاوز في جميع الأحوال ثمانية عشر شهرا قبل فتح المسطرة.
الحال هنا لا يخلو من تأويلين :
إما أن منطوق المادة السالفة الذكر يتعلق أساسا بفتح المسطرة من غير المدين     و يبقى هذا الأخير خاضعا للأجل المذكور. و إما أن المشرع المغربي كان على       علم باستحالة تطبيق هذا الأجل من الناحية العملية، و بالتالي يفرغ الإلزامية من محتواها منذ البداية.
و يمكن القول أن تطبيق دلالة الظاهر على المادة 680 من م.ت تفيد أن السلطة التقديرية الممنوحة للمحكمة في تحديد تاريخ التوقف عن الدفع غير مقيدة بصفة رافع الطلب ([11]).
و قبل أن نتطرق للجزاء الذي رتبه المشرع على عدم قيام رئيس المقاولة بطلب فتح المسطرة داخل الأجل القانوني، لا بد أن نشير إلى أن جانب من الفقه يرى أن أجل الخمسة عشر يوما، المنصوص عليها في المادة 561 من م.ت، لا يسري على فتح مسطرة المعالجة لعدم أداء الديون الناشئة عن اتفاق التسوية الودية، و إن كان يؤدي هو الآخر إلى فتح المسطرة ([12])، و لو لم يقع التوقف عن الدفع كلية، و يرى الأستاذ أحمد شكري السباعي ([13])، أن هذا الرأي الفقهي لا يخلو من الحكمة و المرونة، لأنه يمنح لرئيس المقاولة أجلا أطول لتدبير أمر الأداء و لو عن طريق الحوار و المفاوضات ما دامت المقاولة غير عاجزة عن الأداء بمعنى التوقف عن الدفع. أضف إلى ذلك أن الأمر لا يتعلق بفتح مسطرة المعالجة من عدمه، و إنما بالتقيد بالأجل من عدمه و يرجح عدم التقيد بالأجل في هذه الحالة، إذا كان سيؤدي إلى إنقاذ المقاولة ([14]).
إن عدم احترام أجل 15 يوما المنصوص عليه في المادة 561 من م.ت يترتب عنه جزاء تجاري يتمثل في سقوط الأهلية التجارية ([15]) الذي يقود إلى حرمان مسيري المقاولة الفردية، تجارية كانت أو حرفية، أو جماعية مملوكة على الشياع، أو اتخذت شكل شركة ( المادتان 702 و 711 من م.ت ) من الإدارة أو التدبير أو التسيير أو المراقبة و من أية وظيفة عمومية انتخابية ( 718 من م.ت ).
يذكر أن المشرع جعل إفلات المدين من هذا الجزاء مشروط بتقديم طلب فتح المسطرة خلال أجل الخمسة عشر يوما الموالية للتوقف عن الدفع، و هو أمر صعب التنفيذ، لارتباطه بميكانيزم يصعب ضبط عقارب أوقاته ([16]).
ولارتباطه كذلك بعوامل ذاتية تتعلق بالمدين و المتمثلة في عنصر الأمل الذي يعتبر أمرا نفسيا ([17])، إذ يتوهم المدين أن نشاطه التجاري لا يعيش ظروف مالية صعبة حيث يمكن له تجاوزها على الرغم من وجود مؤشرات واضحة تبعث على القلق، و يظل أمله يراوده مهما بلغ اليأس من وضعيته مما يزيد في التدهور الكلي لوضعيته من دون اللجوء إلى طلب فتح مساطر المعالجة في الوقت المناسب. بالإضافة إلى عوامل موضوعية ترتبط بمدونة التجارة الشيء الذي يؤثر على دور القضاء الذي دأب على تجاوز مبدأ الإلزامية بالسماح للمدين بتقديم الطلب حتى خارج الأجل المحدد قانونا ([18])    و بالتالي عدم تطبيق الجزاء الوارد في المادة 714 إلا عند الاقتضاء، هذا ما أكدته محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في العديد من قراراتها و ذلك بقولها في حيثيات أحد قراراتها ([19]) : " و حيث إن التنصيص المذكور لم يجعل من سقوط الأهلية التجارية المتخذ ضد مسير المقاولة عقوبة آلية تطبق بمجرد عدم التصريح بالتوقف عن الدفع في الأجل المحدد و إنما يوجب تطبيقها عند الاقتضاء، الشيء الذي يستلزم بالضرورة وجود مبررات تستدعي هذا التطبيق من شأنها الإضرار بمصالح المقاولة المدينة أو مصالح دائنيها ".
نفس المقتضى أكدته نفس المحكمة في قرار آخر ([20]) جاء في حيثياته : " و حيث إن المشرع و إن كان قد أعطى للمحكمة الحق في الحكم بسقوط الأهلية التجارية في   إحدى حالات الفصل 714 من م.ت و منها عدم التصريح بالتوقف عن الدفع داخل   أجل 15 يوما من تاريخ ذلك التوقف فإن المحكمة يلزم أن تراعي فيه الظروف التي جعلت المقاول لا يحترم ذلك الأجل. و حيث إن الثابت من أوراق الملف و تصريحات السيد ... كلها أسباب تبرر عدم مواجهته بذلك الأجل و تطبيق الفصل 714 من م.ت في حقه ".
في الأخير نقول أن أجل الخمسة عشر يوما، أجل غير كاف، و كان على المشرع المغربي أن يحذو حذو نظيره الفرنسي ([21]) الذي منح للمدين أجل خمسة و أربعين يوما للتصريح بتوقفه عن الدف، و هو أجل يبدو معقولا وكافيا.



[1] - عرفت المادة 545 من م.ت في فقرتها الأخيرة رئيس المقاولة بأنه : " الشخص الطبيعي المدين أو الممثل القانوني للشخص المعنوي المدين ".
[2] - يختلف هذا الأجل في صياغته الجديدة عن الأجل نفسه الذي كانت تأمر به المادة 198 من مدونة التجارة القديمة المنسوخة لـ 12 غشت 1913 – في مادة الإفلاس – في أن الأجل الذي تضعه المادة 561 من المدونة الجديدة أجل كامل لا يدخل في احتسابه اليوم الأول و الأخير، أما المادة 198 فكانت تنص صراحة على حساب يوم التوقف عن الدفع ضمن الخمسة عشر يوما.
[3] - تنص المادة 561 من م.ت على ما يلي : " يجب على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة المعالجة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما تلي توقفه عن الدفع "
[4] - علال فالي، " مساطر معالجة صعوبات المقاولة "، مكتبة دار السلام للطبع و النشر و التوزيع، الرباط، الطبعة الأولى دجنبر 2011 ص : 68.
[5] - محمد لفروجي، " صعوبات المقاولة و المساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها "، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – الطبعة الأولى، فبراير 2000، ص : 183.
[6] - تنص المادة 564 من م.ت على ما يلي : " يمكن فتح المسطرة ضد تاجر أو حرفي وَضَعَ حداً لنشاطه أو توفي داخل سنة من اعتزاله أو من وفاته، إذا كان التوقف عن الدفع سابقا لهذه الوقائع "
[7] - المادة 3 – 631 . L من مدونة التجارة الفرنسية.
[8] - تنص الفقرة الثانية من المادة 551 من قانون التجارة المصري على ما يلي : يجوز لورثة التاجر طلب شهر إفلاسه بعد وفاته مع مراعاة الميعاد المذكور في الفقرة السابقة ( أجل سنة ) ... "
[9] - هذا ما دعا إليه الأستاذ أحمد شكري السباعي، " الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها "، الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الثانية 2007، ص : 66.
[10] - عبد الرزاق الزيتوني، " استمرارية المقاولة بعد التوقف عن الدفع و حماية الدائنين على ضوء القانون رقم 95 – 15 المتعلق بمدونة التجارة "، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة التكوين و البحث في قانون الأعمال، نوقشت بجامعة الحسن الثاني  كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005 – 2006، ص : 45.
[11] - جمال وعركوب، " ضمانات الدائنين في مسطرة التسوية القضائية – دراسة تحليلية نقدية و مقارنة - " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، و حدة التكوين و البحث  في قانون الأعمال و الاستثمار تخصص القانون التجاري المقارن، نوقشت بجامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، الموسم الجامعي: 2007– 2008 ص: 18.
[12] - المادتين 560 و 563 من م.ت.
[13] - أحمد شكري السباعي، " الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها "، الجزء الثاني مرجع سابق، ص : 168.
[14] - للتعمق أكثر حول هذه النقطة يراجع : أحمد شكري السباعي، " الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة   و مساطر معالجتها "، الجزء الأول، دار نشر المعرفة، الرباط، صفحات : من 246 إلى 298.
[15] - تنص المادة  714 من م.ت في بندها الرابع على ما يلي : " يجب على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم عند الاقتضاء بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول بمقاولة ثبت في حقه الأفعال التالية :
- " ".
4 – إغفال القيام داخل أجل خمسة عشر يوما بالتصريح بالتوقف عن الدفع. "
[16] - فاتحة المشماشي، " أزمة معالجة صعوبات المقاولة "، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، شعبة القانون الخاص  جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – أكدال – الرباط، السنة الجامعية 2006 – 2007       ص : 46.
[17] - محمد لفروجي، " صعوبات المقاولة و المساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها "، مرجع سابق، ص : 184.
[18] - الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 20 / 03 / 2006، في الملق رقم 14 / 20 / 2006 غير منشور.
  - الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش بتاريخ 06 / 02 / 2002، في الملق رقم 2367 / 2007 / 11 غير منشور.
[19] - قرار رقم 3712 / 07 صدر بتاريخ 06 / 07 / 2007، ملف رقم 2367 / 2007 / 11 غير منشور.
[20] - قرار رقم 155 / 2002، بتاريخ 18 / 01 / 2002، أورده :
عبد الواحد صفوري، " التوقف عن الدفع بين الفقه و القانون و القضاء "، مطبعة ابن سينا، الرباط، الطبعة الأولى، 2008     ص : 265.
[21] - ينص المشرع الفرنسي في الفقرة الأولى من المادة L 631 – 4 من مدونة التجارة الفرنسية على ما يلي :
" L’ouverture de cette procédure doit être demander par le débiteur au plus tard dans les quarante-cinq jours qui suivent la cessation des paiements, s’il n’a pas dans ce délai demandé l’ouverture d’une procédure de conciliation ".

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP