mercredi 29 octobre 2014

دور رئيس المقاولة وصلاحياته في تحضير مشروع مخطط التسوية القضائية

يكتسي مشروع مخطط التسوية أهمية بارزة في تحديد ملامح وآفاق تسوية وضعية المقاولة، وشكليات تصفية الخصوم والأمانات المحتملة التي يشترطها كل شخص لضمان تنفيذ المخطط ([1]) ارتكازا على تقرير الموازنة الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية، والذي يعتبر بالنسبة إليه بمثابة إلقاء نظرة إلى الوراء لتحديد مدى إمكانية السير قدما إلى الأمام بخطى ثابتة ([2]) .

فإذا كان تقرير الموازنة المالية، والاقتصادية، والاجتماعية للمقاولة يستند إلى المعطيات و الظروف السابقة لتاريخ فتح المسطرة، فإن الاقتراح الذي يعده السنديك على ضوء هذه الموازنة في شكل مشروع مخطط للتسوية، يستشرف المستقبل والشروط التي يمكن في ظلها تسوية وضعية المقاولة المفتوحة ضدها المسطرة ([3]) و يتضمن اقتراحات حل مشاكل العمال و الديون، و يأتي بعد ذلك دور المحكمة لاتخاذ القرار المناسب ([4]).
و رغم أن الظاهر من نص المادة 579 من م.ت أن السنديك هو الذي يعد وحده مشروع مخطط التسوية، فإن لا شيء يمنعه من أن يستعين في ذلك برئيس المقاولة وبخبير أو عدة خبراء كما هو الحال بالنسبة لإعداد تقرير الموازنة المالية، والاقتصادية والاجتماعية ([5]) على أن ذلك لا ينزع عن السنديك صفته كصاحب الدور الرئيسي في إعداد الحل الكفيل بتقويم وضعية المقاولة، و قد منح المشرع المغربي للسنديك صلاحية اتخاذ المبادرات الضرورية لتحضير مشروع مخطط التسوية تحت إشراف القاضي المنتدب، و إشراك الأطراف الفاعلة في مسطرة التسوية القضائية، وعلى رأسها رئيس المقاولة المدين والدائنين والمراقبين وتقريب وجهات النظر المتباينة بينهم.
ومن التطبيقات القضائية ضرورة إلتزام السنديك بإشراك رئيس المقاولة في إعداد مشروع مخطط التسوية، ما قررته المحكمة التجارية بالرباط من عدم اعتماد تقرير السنديك بشأن مشروع مخطط التسوية نظرا لوجود جملة من الإخلالات القانونية، ومن ضمنها عدم إشراك رئيس المقاولة في إعداد مشروع التسوية ([6]).
و يضطلع السنديك بعدة أدوار مهمة بمناسبة افتتاح مسطرة المعالجة القضائية  وفق ما رأيناه سابقا، ويعتبر تحضيره لمشروع مخطط التسوية القضائية المتضمن لاقتراحه الذي يراه ملائما لوضعية المقاولة، أهمها على اعتبار أن بتحضيره لهذا المشروع، يتوج بذلك عمله كأحد الأجهزة الأساسية للمسطرة ومجهوداته المبذولة في سبيل إعداده للموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية ([7]).
و في سبيل تحضيره لمشروع مخطط التسوية، يقوم السنديك بعدة مهام في شكل مبادرات و استشارات مع الدائنين و استطلاعات رأي بعض الأطراف المعنية، ويتعلق الأمر برئيس المقاولة والمراقبين.
و هكذا، فإن السنديك يقوم بتلقي العروض من الأغيار ([8]) قصد دراستها والعمل على انتقاء أحسنها والأكثر قدرة على الحفاظ على مناصب الشغل والإنتاج محاولا إقرار التوازن في الحق والالتزامات بين مقدم العرض الرامي إلى الحفاظ على المقاولة وإنقاذها عن طريق التفويت الكلي أو الجزئي و بين رئيس المقاولة ([9])
و قد حرص المشرع المغربي على أن يستبعد من دائرة الأغيار المسموح لهم بتقديم عروض إلى السنديك تهدف إلى الحفاظ على المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة الأشخاص الذين سبق لهم أن أشرفوا على إدارة و تسيير هذه المقاولة وكذا أقاربهم وذلك حفاظا على جدية هذه العروض ([10]).
إضافة إلى تلقيه عروض الأغيار ودراستها، يقوم السنديك إن رأى ذلك مجديا باقتراح تغيير رأسمال الشركة، ولأجل ذلك يطلب من مجلس الإدارة، أو من مجلس الإدارة الجماعية، أو من المسير، حسب الأحوال، استدعاء الجمعية العامة غير العادية، أو جمعية الشركاء، وقد يتولى بنفسه استدعاء الجمعية حسب الأشكال التي ينص عليها النظام الأساسي عند الاقتضاء ([11]).
و بذلك تقوم الجمعية بإعادة تأسيس رأس المال إلى حدود المبلغ الذي يقترحه السنديك، شريطة ألا يقل عن ربع رأس مال الشركة إذا كانت رؤوس الأموال الذاتية تقل عن ربع رأس مال الشركة بفعل الخسارة المثبتة في الوثائق المحاسبية.
و بالمقابل يمكن للسنديك أن يقترح تخفيض رأس المال والزيادة فيه لفائدة شخص أو عدة أشخاص يلتزمون بتنفيذ المخطط ([12]).
و على كل حال، فإن سلطة السنديك في هذا المجال تقتصر على مجرد التقدم باقتراح مخطط الاستمرارية الذي يهدف إلى تغيير رأس المال، والذي يبقى معلقا على موافقة المحكمة على المخطط وإلا اعتبرت بنود الاتفاق كأن لم تكن ([13]).

و إذا كانت المحكمة تملك سلطات واسعة في هذا الإطار، فإن ذلك لا يحول من جهة، دون استفسار السنديك حول ما ورد بتقريره بخصوص طريقة أو كيفية تغيير الرأسمال، ومن جهة أخرى، لا يحول دون أخذ رأي رئيس المقاولة بهذا الشأن ([14]).
و يمكن للسنديك أيضا – و للمحكمة تلقائيا – إن كانت استمرارية المقاولة تستدعي ذلك، أن يطلب من المحكمة تعليق اعتماد مخطط التسوية القضائية على استبدال مسير أو عدة مسيرين ([15]) لأن تسوية المقاولة تكون دون جدوى إذا استمر مسير، أو مسيرو الشخص المعنوي على رأس المشروع مع ثبوت عدم كفاءتهم المهنية أو تأثيرهم السيئ في ميدان التسيير ([16])، فقد تجد المحكمة أن من بين أسباب تعثر المقاولة عدم أهلية المسير أو مسيري المقاولة مهنيا وسوء تسيير أو انعدام نزاهتهم وخبرتهم، مما يعني أن استمرارهم داخل المقاولة قد يزيد تفاقم وضعيتها عند تنفيذ الحل المسطري المزمع اختياره ([17]).
و تفاديا لقيام المسيرين المبعدين باستعمال سلطتهم في تعطيل الشركة السياسة الجديدة للمقاولة يمكن للمحكمة أن تقضي بعدم قابلية تفويت الأسهم، وحصص الشركة وشهادات حق التصويت التي يحوزها هؤلاء، و أن تقرر تعيين وكيل قضائي لمدة تحددها يمارس حق التصويت الناشئ عنها، كما يمكنها أن تأمر بتفويت هذه الأسهم أو الحصص بثمن تحدده على أساس خبرة ([18]).
و نظرا للآثار المهمة التي ترتبط بتطبيق هذه القواعد، فقد اشترط المشرع بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 584 من م.ت أن يتم استعمال المسيرين أو استدعاؤهم قانونيا.
أما بخصوص الاستشارات والمفاوضات التي يجريها السنديك في إطار إنجازه لمشروع مخطط التسوية، فإن من أهمها استشارة الدائنين، لأنهم معنيين بالدرجة الأولى بمصير هذه المساطر.
و هكذا، فإن السنديك وحسب مقتضيات المادة 585 من م.ت، يقوم باستشارة الدائنين الذين صرحوا بديونهم بصفة قانونية، وإما بشكل فردي حيث يتعين عليه أن يوجه لكل واحد منهم رسالة في هذا الصدد، يكون موضوعها بطبيعة الحال طلب الموافقة على الآجال والتخفيضات اللازمة لتأمين التنفيذ الحسن لمخطط استمرارية المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة ([19])، أو بشكل جماعي حيث يجتمعون تحت رئاسة السنديك بناء على استدعاء يتم توجيه إليهم من طرفه، كما يمكن نشر إشعار بالاستدعاء في صحفية مخول لها نشر الإعلانات القانونية و إعلانه في لوحة مخصصة لهذا الغرض في المحكمة ([20]) وسواء تعلق الأمر باستشارة فردية، أو باستشارة جماعية للدائنين فإن السنديك يكون ملزما بإلحاق الرسالة أو الاستدعاء الموجه لهم بعدة بيانات نصت عليها المادة 586 من م.ت وهي :
-       بيان لوضعية أصول وخصوم المقاولة مع بيان تفصيلي للخصوم ذات الامتياز و الخصوم العادية.
-       اقتراحات السنديك ورئيس المقاولة مع الإشارة إلى الضمانات الممنوحة.
-       رأي المراقبين.
وفي نظرنا، فإن المشرع هدف من هذا المقتضى إعلام الدائنين بالوضعية الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية للمقاولة، وموقف رئيسها، وذلك حتى تتكون لهم صورة واضحة عنها.
وفي إطار المفاوضات و الاستثمارات التي تكون أيضا بمناسبة التحضير بمشروع التسوية، يقوم السنديك باستطلاع رأي المراقبين ([21]) وذلك بتبليغ المقترحات التي يتم التقدم بها إليهم فور إعدادها، تحت مراقبة القاضي المنتدب ([22]).
 ويقوم السنديك أيضا في سبيل إعداده لمشروع مخطط التسوية، بإشراك رئيس المقاولة، وأخذ ملاحظاته حول كيفية تسديد الديون، وحول الآجال والتخفيضات، وحول الضمانات الممكن منحها لبعض الدائنين إن اقتضى الحال ([23])، فبالرغم من أن الحكم القاضي بفتح المسطرة قد يقيد أحيانا سلطات رئيس المقاولة في التسيير، كما سبق وأن رأينا في معرض حديثنا عن دور رئيس المقاولة في إعداد الموازنة، فإن ذلك ليس معناه أن هذا الأخير لا يدلي باقتراحاته وملاحظاته بخصوص مشروع مخطط استمرارية المقاولة المراد عرضه على المحكمة للبت فيه ([24])، بل إن رئيس المقاولة هو الذي يتولى في القانون الفرنسي وضع هذا المخطط في حالة المسطرة المبسطة ([25]).
تطبيقا لذلك فعلاوة على الاقتراحات التي يمكن أن يتقدم بها رئيس المقاولة خلال فترة وضع مشروع مخطط الاستمرارية، يتعين على السنديك استشارته بشأن التقرير الذي يعده في هذا الإطار، وتتم هذه الاستشارة بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وإذا كانت لرئيس المقاولة بعض الملاحظات حول التقرير المذكور، وجب عليه أن يخبر به السنديك داخل ثمانية أيام من تاريخ توصله برسالة هذا الأخير ([26]).
يعد جواب رئيس المقاولة على هذا التقرير أرضية لتهيئ مشروع مخطط الاستمرارية الذي يضمن تنفيذ المخطط بعد حصره من طرف المحكمة في أحسن   الأحوال ([27])، و نرى أن الملاحظات والاقتراحات التي يبديها رئيس المقاولة على تقرير السنديك من الأهمية بمكان، لأنه يقدمها من باب درايته بوضعية المقاولة، ولذلك فإن عدم أخذها في الاعتبار قد يؤدي إلى عرقلة تنفيذ مخطط الاستمرارية بعد حصره من طرف القضاء على الشكل المقترح من طرف السنديك.
ذلك أن التقرير لكي يكون منتجا يتعين أن يتضمن جميع المقترحات ووجهات نظر كل الأشخاص الفاعلين في إعداد التقرير سواء منهم رئيس المقاولة، أو الدائنين، أو السنديك.
و عليه فإن هذه الإجراءات التحضيرية هي التي تكون كفيلة بتقديم صورة صادقة عن وضعية المقاولة حتى تتمكن المحكمة من إصدار الحكم القاضي باختيار الحل المناسب لوضعية المقاولة المفتوحة ضدها المسطرة ([28]).
و يبقى للمحكمة حق المصادقة على مشروع المخطط وفق الحالة التي قدم عليها من طرف السنديك أو قيامها بتعديله، وإدخال التغييرات التي تراها ضرورية لتنفيذ المخطط، و إلى غاية الحكم بحصر المخطط والمصادقة عليه من طرف المحكمة يبقى دور رئيس المقاولة حاضرا و فاعلا في جميع المراحل إلى غاية التنفيذ وقفل المسطرة.








[1] - المادة 580 من م.ت.
[2] - خديجة الكمري، " دور السنديك في مساطر صعوبات المقاولة "، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، س : 2010 – 2011، ص : 87.
[3] - محمد لفروجي، " صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها "، م.س، ص : 264.
[4]- Hassania Cherkaoui, Droit commercial, op, cit, p 268.
[5] - محمد البعدودي، " دور السنديك في إدارة المقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية "، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، ع : 3 شتنبر 2003، ص : 40.
[6] - حكم رقم 19/12/2001، ملف رقم 05/35/1999، أورده الغالي الغيلاني، م.س، ص 128.
[7] - عبد الكريم عباد،  " دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة "، م.س، ص : 191.
[8] - المادة 582 من م.ت.
[9] - خديجة الكمري، م.س، ص : 89.
[10] - ففي هذا الإطار تنص الفقرة الأخيرة من المادة 582 على أنه : " لا يقبل العرض الذي يقدمه مسيرو المقاولة أو أقاربهم إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية، سواء تقدموا بها مباشرة أو عن طريق شخص وسيط ".
[11]- الفقرة الأولى من المادة 583 من م.ت.
[12] - الفقرة الثانية من المادة 583 من م.ت.
[13] - الفقرة الأخيرة من المادة 583 من م.ت.
[14] - عبد الكريم عباد، دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة، م س، ص : 195.
[15] - المادة 584 من م. ت.
[16] - عبد الرحيم السلماني، " حصر المحكمة لمخطط الاستمرارية مسطرة التسوية القضائية "، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، ع : 7 يناير 2005 ص : 31.
[17] - إحسان الجيدي، " صلاحيات القضاء التجاري في معالجة صعوبات المقاولة – مرحلة التسوية – " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط            س : 2004 – 2005، ص : 164.
[18] - الفقرة الثانية من المادة 584 من م.ت.
[19] حيث جاء في القرار عدد 58 لمحكمة النقض بتاريخ 18/01/2006 في الملف التجاري عدد 190/01/2004                  ما يلي: " ... و لما كان من الثابت كذلك أن السنديك المعين لم يصل إلى أي حل ودي مع الدائنين للتخفيض من الفوائد والديون  وأن هذه تم حصرها من طرف القاضي المنتدب "، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي عللت قرارها بقولها: " إن دور الدائنين ينحصر في استشارتهم من طرف السنديك عند إعداد الحل بخصوص موافقتهم بشأن الآجال والتخفيضات لضمان تنفيذ المخطط لا غير ... تكون قد راعت مجمل ما ذكر، مادامت استشارة الدائنين لا تتعلق بتحديد ديونهم، و إنما بالحصول على موافقتهم بشأن آجال مخطط التسوية والتخفيضات من الديون التي لم تتصرف فيها المحكمة بأي حال من الأحوال "، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، ع : 66، مارس 2007، ص : 107.
[20] - المادة 587 من م.ت .
[21] - تنص المادة 645 من م.ت على أنه : " يعين القاضي المنتدب واحدا إلى ثلاثة مراقبين من بين الدائنين الذين يتقدمون إليه بطلب. و يمكن أن يكون المراقبون أشخاصا طبيعيين أو معنويين ".
[22] الفقرة الأولى من المادة 585 من م.ت.
[23] - محمد لفروجي، " وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة "، دراسة تحليلية نقدية في ضوء القانون المغربي والقانون المقارن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ع : 3، 2006 ، ص : 144.
[24] - محمد لفروجي ، دور القضاء التجاري في بلورة الحل الكفيل بإنقاذ المقاولة التي تعترضها صعوبات، مجلة الإشعاع، ع :33 يونيو 2008، ص : 34.
[25] - الفقرة الثانية من المادة 143 من القانون الفرنسي المؤرخ في 25 يناير 1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية والمعدل بقانون 10 يونيو 1994.
[26] - المادة 589 من م.ت.
[27] - عبد الرزاق الزيتوني، م س، ص : 176.
[28] - حياة حجي، " نظام الضمانات و قانون صعوبات المقاولة "، - دراسة مقارنة-، مكتبة دار السلام، الرباط، ط I، 2012   

Author: Mustapha

Hello, I am Author,.

0 commentaires:

E-mail Newsletter

Sign up now to receive breaking news and to hear what's new with us.

Recent Articles

© 2014 صعوبة المقاولة. WP themonic converted by Bloggertheme9. Published By Gooyaabi Templates | Powered By Blogger
TOP